جامِعَة. 7. الصِّيتُ الْحَسَنُ خَيْرٌ مِنَ الطِّيبِ، وَيَوْمُ الْوَفَاةِ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ الْوِلاَدَةِ. الذَّهَابُ إِلَى بَيْتِ النَّوْحِ خَيْرٌ مِنَ الْحُضُورِ إِلَى بَيْتِ الْوَلِيمَةِ، لأَنَّ الْمَوْتَ هُوَ مَصِيرُ كُلِّ إِنْسَانٍ. وَهَذَا مَا يَحْتَفِظُ بِهِ الْحَيُّ فِي قَلْبِهِ. الْحُزْنُ خَيْرٌ مِنَ الضَّحِكِ، لأَنَّهُ بِكَآبَةِ الْوَجْهِ يُصْلَحُ الْقَلْبُ. قَلْبُ الْحُكَمَاءِ فِي بَيْتِ النَّوْحِ، أَمَّا قُلُوبُ الْجُهَّالِ فَفِي بَيْتِ اللَّذَّةِ. الاسْتِمَاعُ إِلَى زَجْرِ الْحَكِيمِ خَيْرٌ مِنَ الإِصْغَاءِ إِلَى غِنَاءِ الْجُهَّالِ. لأَنَّ ضَحِكَ الْجُهَّالِ كَقَرْقَعَةِ الشَّوْكِ تَحْتَ الْقِدْرِ، وَهَذَا أَيْضاً بَاطِلٌ. الظُّلْمُ يَجْعَلُ الْحَكِيمَ أَحْمَقَ، وَالرِّشْوَةُ تُفْسِدُ الْقَلْبَ. نِهَايَةُ أَمْرٍ خَيْرٌ مِنْ بَدَايَتِهِ، وَالصَّبْرُ خَيْرٌ مِنَ الْعَجْرَفَةِ. لاَ يَسْتَسْلِمْ قَلْبُكَ سَرِيعاً لِلْغَضَبِ، لأَنَّ الْغَضَبَ يَسْتَقِرُّ فِي صُدُورِ الْجُهَّالِ. لاَ تَقُلْ: كَيْفَ حَدَثَ أَنَّ الأَيَّامَ الْمَاضِيَةَ كَانَتْ خَيْراً مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ؟ لأَنَّ سُؤَالَكَ هَذَا لاَ يَنِمُّ عَنْ حِكْمَةٍ. الْحِكْمَةُ مَعَ الْمِيرَاثِ صَالِحَةٌ وَذَاتُ مَنْفَعَةٍ لِلأَحْيَاءِ. الَّذِي يَسْتَظِلُّ بِالْحِكْمَةِ كَمَنْ يَسْتَظِلُّ بِالْفِضَّةِ، إِلاَّ أَنَّ لِمَعْرِفَةِ الْحِكْمَةِ فَضْلاً، وَهُوَ أَنَّهَا تَحْفَظُ حَيَاةَ أَصْحَابِهَا. تَأَمَّلْ فِي عَمَلِ اللهِ، مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يُقَوِّمَ مَا يُعَوِّجُهُ؟ افْرَحْ فِي يَوْمِ السَّرَّاءِ، وَاعْتَبِرْ فِي يَوْمِ الضَّرَّاءِ. إِنَّ الرَّبَّ قَدْ جَعَلَ السَّرَّاءَ مَعَ الضَّرَّاءِ، لِئَلاَّ يَكْتَشِفَ الإِنْسَانُ شَيْئاً مِمّا يَحْدُثُ بَعْدَ مَوْتِهِ. لَقَدْ شَاهَدْتُ هَذِهِ جَمِيعَهَا فِي أَيَّامِ أَبَاطِيلِي: رُبَّ صِدِّيقٍ يَهْلِكُ فِي بِرِّهِ، وَمُنَافِقٍ تَطُولُ أَيَّامُهُ فِي شَرِّهِ. لاَ تُغَالِ فِي بِرِّكَ وَلاَ تُبَالِغْ فِي حِكْمَتِكَ، إِذْ لِمَاذَا تُهْلِكُ نَفْسَكَ؟ لاَ تُفْرِطْ فِي شَرِّكَ وَلاَ تَكُنْ أَحْمَقَ. لِمَاذَا تَمُوتُ قَبْلَ أَوَانِكَ؟ حَسَنٌ أَنْ تَتَشَبَّثَ بِهَذَا وَأَنْ لاَ تُفَرِّطَ فِي ذَاكَ، لأَنَّ مُتَّقِيَ اللهِ يَتَفَادَى التَّطَرُّفَ فِي كِلَيْهِمَا. تَدْعَمُ الْحِكْمَةُ الْحَكِيمَ بِالْقُوَّةِ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ مُتَسَلِّطِينَ فِي الْمَدِينَةِ. لَيْسَ مِنْ صِدِّيقٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ يَصْنَعُ خَيْراً وَلاَ يُخْطِئُ. لاَ تَكْتَرِثْ لِكُلِّ كَلاَمٍ يُقَالُ لِئَلاَّ تَسْمَعَ عَبْدَكَ يَشْتِمُكَ. لأَنَّكَ تُدْرِكُ فِي قَرَارَةِ نَفْسِكَ أَنَّكَ كَثِيراً مَا لَعَنْتَ غَيْرَكَ. كُلُّ ذَلِكَ اخْتَبَرْتُهُ بِالْحِكْمَةِ وَقُلْتُ: سَأَكُونُ حَكِيماً، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ بَعِيدَةً عَنِّي. مَا هُوَ بَعِيدٌ، بَعِيدٌ جِدّاً، وَمَا هُوَ عَمِيقٌ، عَمِيقٌ جِدّاً. وَمَنْ لِي بِمَنْ يَكْتَشِفُهُ؟ فَتَفَحَّصْتُ قَلْبِي لأَعْلَمَ وَأَبْحَثَ وَأَنْشُدَ الْحِكْمَةَ وَأَلْتَمِسَ جَوَاهِرَ الأَشْيَاءِ وَأَعْرِفَ جَهَالَةَ الشَّرِّ، وَحَمَاقَةَ الْجُنُونِ. فَوَجَدْتُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَلْبُهَا أَشْرَاكٌ وَشِبَاكٌ، وَيَدَاهَا قُيُودٌ، هِيَ أَمَرُّ مِنَ الْمَوْتِ، وَمَنْ يُرْضِي اللهَ يَهْرُبُ مِنْهَا، أَمَّا الْخَاطِئُ فَيَقَعُ فِي أَشْرَاكِهَا. وَيَقُولُ الْجَامِعَةُ: إِلَيْكَ مَا وَجَدْتُهُ: أَضِفْ وَاحِداً إِلَى وَاحِدٍ لِتَكْتَشِفَ حَاصِلَ الأَشْيَاءِ الَّتِي مَا بَرِحَتْ نَفْسِي تَبْحَثُ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ جَدْوَى: وَجَدْتُ صِدِّيقاً وَاحِداً بَيْنَ أَلْفِ رَجُلٍ، وَعَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ (صِدِّيقَةٍ) بَيْنَ الأَلْفِ لَمْ أَعْثُرْ. بَلْ هَذَا مَا وَجَدْتُهُ: إِنَّ اللهَ قَدْ صَنَعَ الْبَشَرَ مُسْتَقِيمِينَ، أَمَّا هُمْ فَانْطَلَقُوا بَاحِثِينَ عَنْ مُسْتَحْدَثَاتٍ كَثِيرَةٍ!